الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
تابع لمعة الاعتقاد
58089 مشاهدة
من الصفات الفعلية لله تعالى صفة الضحك

...............................................................................


من الصفات أيضا: صفة الضحك لله تعالى، في هذا الحديث: يضحك الله إلى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، ثم يدخلان الجنة القاتل والمقتول يجتمعان في الجنة؛ وذلك لأن القاتل كان كافرا، قتل مسلما، فدخل المسلم الجنة؛ لأنه شهيد، ثم أسلم ذلك القاتل واهتدى، ولما اهتدى قاتل في سبيل الله تعالى فقتل أيضا شهيدا. فالقاتل قتل شهيدا بعد أن قتل المقتول، فكلاهما يدخل الجنة، فيكون هذا عجب، يضحك الله إلى رجلين. وصفة الضحك صفة فعلية أيضا، أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
وفي الحديث الآخر الذي أشرنا إليه وهو قوله: عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيره وفي رواية: وقرب خيره، ينظر إليكم أزلين قنطين، فيظل يضحك، يعلم أن فرجكم قريب أبو رزين هو الذي روى هذا الحديث، أبو رزين العقيلي يقول: وإن ربنا ليضحك؟ قال: نعم. قال: لا نعدم خيرا من رب يضحك أقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا. ذكر هذا الحديث بطوله الإمام أحمد وأورده الإمام ابن القيم في زاد المعاد وشرحه، وذكر أنه ثابت.
فهذه الأحاديث، وهذه الآيات، وما أشبهها. هذه الأحاديث مما صحت أسانيده، وعدلت رواته، نؤمن به، ولا نرده. نؤمن بهذه الأحاديث ولا نردها، ولا نجحد دلالتها؛ لأنها مروية بالأسانيد الصحيحة، ولا نتأولها بتأويل يخالف ظاهرها، كتأويل الأشعرية ونحوهم.
تأويلهم قولهم: كراهة الله: إرادة العذاب. وغضب الله: إرادة الانتقام. وأشباه ذلك مما هو رد للأحاديث، فلا نتأولها كتأويل هؤلاء المبتدعة؛ بل نقرها على ظاهرها؛ إلا أننا لا نشبهها بصفات المخلوقين؛ لقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فالمخلوق ضعيف، بمعنى: أنه ليس مثل الخالق يأتي عليه العدم، مسبوق بالعدم، يأتي على صفاته التغير، وصفة السمع قد يفقدها، وصفة البصر قد يفقدها، وصفة الكلام قد يفتقدها، وكذلك القدرة والقوة وما أشبهها، فتتغير صفاته الذاتية.
وكذلك أيضا صفاته الفعلية تليق به، ولا نشبهها بسمات المحدثين. السمة: هي العلامة. والمحدثون: هم الخلق.
ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير، ليس له شبيه من خلقه، وليس له نظير؛ والدليل قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ قد تقدمت هذه الآية.
ثم إن كل ما تخيل في الذهن، أو خطر بالبال؛ فإن الله تعالى بخلافه يعني إذا تخيل الإنسان أن سمع الله كذا وكذا، أو أن بصره كذا وكذا، أو أن كيفية نزوله كذا وكذا، أو كيفية مجيئه، أو كيفية استوائه كذا وكذا، فكل ذلك ليس بمطابق؛ وذلك لأن المخلوق بأفكاره يضعف عن أن يتخيل صفات الله؛ لقوله تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا .